غير الطريق مخافة الطلب، فلما أمن، رجع إلى الطريق، ونزل الجحفة بين مكة والمدينة، فاشتاق إلى مكة، فنزل: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ﴾ (١) أنزله شيئًا بعد شيء ﴿لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ إلى مكة، ولما وُعد - ﷺ - بالعَوْد إلى مكة بعد قول المشركين له: إنَّكَ لفي ضلال مبين، نزل:
﴿قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ أي: هو أعلم بالفريقين، فيجازي كلًّا بعمله. قرأ نافع، وأبو جعفر، وابن كثير، وأبو عمرو: (رَبِّيَ) بفتح الياء، والباقون: بإسكانها (٢).
﴿وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ (٨٦)﴾.
[٨٦] ﴿وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ﴾ أي: يوحى إليك القرآن.
﴿إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ نصب على أنه استثناء منقطع؛ أي: لكن رحمة من ربك، فأعطاك القرآن.
﴿فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا﴾ مُعينًا ﴿لِلْكَافِرِينَ﴾ عبادتهم.
(٢) انظر: "التيسير" للداني (ص: ١٧٢)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (٢/ ٣٤٢)، و"معجم القراءات القرآنية" (٥/ ٢٤).