﴿عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ على مشركي العرب، وذلك أنهم كانوا يقولون إذا حَزَبهم أمرٌ، أو دَهَمهم عدوٌّ: اللهمَّ انصُرْنا عليهم بالنبيِّ المبعوثِ في آخرِ الزمان الذي نجدُ صفتهُ في التوراةِ، فكانوا يُنْصَرون، وكانوا يقولون لأعدائِهم من المشركين: قد أظلَّ زمانُ نبيٍّ يخرجُ بتصديقِ ما قلنا، فنقتلُكم معَهُ قتلَ عادٍ وإِرَم (١).
﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا﴾ يعني: محمدًا - ﷺ - من غيرِ بني إسرائيل، وعرفوا نعتَهُ وصِدْقَه.
﴿كَفَرُوا بِهِ﴾ بغيًا وحسدًا.
﴿فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ قرأ أبو عمرٍو، والكسائيُّ، ورُوَيسٌ: (الْكَافِرِينَ) بالإمالة حيثُ وقعَ بالياء (٢)، مجرورًا كان أو منصوبًا، واختُلف عن ابنِ ذكوان في الإمالة والفتحِ، وأماله ورشٌ بينَ بينَ، وفتحَه الباقون، وجوابُ لما ولما الثانية في قوله: (كفروا)، وأعيدت لما الثانية؛ لطولِ الكلام، ويفيدُ ذلك تقريرًا للذَّنب وتأكيدًا له.
﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (٩٠)﴾.
[٩٠] ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ﴾ قرأ أبو عمرٍو، وأبو جعفرٍ: (بِيسَ)

(١) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٤/ ٣٤)، وانظر "الدر المنثور" للسيوطي (١/ ٢١٥ - ٢١٦).
(٢) "بالياء" سقطت من "ن".


الصفحة التالية
Icon