﴿مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ والصحيحُ أن مقام إبراهيم هو الحجرُ الذي في المسجد يصلِّي خلفَه الإمامُ المقلِّدُ لمذهب الشافعيِّ، وذلك الحجرُ الذي قامَ عليه إبراهيمُ عندَ بناءِ البيت.
وعن عمرَ -رضي الله عنه- أنه قال: "وافقتُ اللهَ في ثلاثٍ، ووافَقَني ربي في ثلاث: قلتُ: يا رسولَ الله! لو اتخذتَ من مقامِ إبراهيمَ مُصلًّى، فأنزل الله -عز وجل-: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾، وقلتُ: يا رسول الله! يدخلُ عليك البَرُّ والفاجِرُ، فلو أمرتَ أمهاتِ المؤمنينَ بالحجاب (١)، فأنزل الله آيةَ الحجاب، قال: وبلغني معاتبةُ النبيِّ - ﷺ - بعضَ نسائِهِ، فدخلتُ عليهنَّ، قلتُ: إنِ انتهيتنَّ أو ليبدلَنَّ اللهُ رسولَه خيرًا منكُنَّ، فأنزلَ الله -عز وجل-: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ﴾ (٢) [التحريم: ٥].
وأما قصةُ المقامِ، فروي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: "لما أتى إبراهيمُ بإسماعيلَ وهاجرَ، ووضعَهما بمكَّةَ، وأتت على ذلكَ مدَّةٌ، ونزلَها الجُرْهمِيُّون، وتزوَّجَ إسماعيلُ منهم امرأةً، وماتتْ هاجَرُ، استأذنَ إبراهيمُ سارةَ أن يأتيَ مكَّةَ، فأذنتْ له، وشرطَتْ ألَّا ينزلَ، فقدمَ إبراهيمُ فذهبَ إلى بيتِ إسماعيل، فقال لامرأته: أينَ صاحِبُك؟ قالت:
(١) في "ن": "الحجاب".
(٢) رواه البخاري (٤٢١٣)، كتاب: التفسير، باب: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾ عن أنس. ورواه مسلم (٢٣٩٩)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل عمر -رضي الله عنه-، عن ابن عمر مختصرًا.