وألفٍ بعدَها، وهو جمعُ رَهْنٍ؛ كبَغْلٍ وبِغالٍ (١).
﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ أي: وَثِقَ إليه لأمانتِهِ.
﴿فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾ أي: فليقضِ المديونُ ما عليهِ من الدَّينِ، وسُمِّيَ أمانةً؛ لتعلُّقِه بالذمَّة؛ كتعلُّقِ الأمانِة.
﴿وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ﴾ في أداءِ الحقِّ، ثم التفتَ مخاطبًا للشهود فقال:
﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ﴾ إذا دُعيتم إلى إقامتِها، ثم تهدَّدَهم فقال: ﴿وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ﴾ أي: يأثمُ.
﴿قَلْبُهُ﴾ لأنَّ الكتمانَ يُقَرُّ فيهِ، ولأنَّ القلبَ هو رئيسُ الأعضاءِ، والمضغةُ التي إن صلحَتْ صلحَ الجسدُ كلُّه، وإن فسدَتْ، فسدَ الجسدُ كلُّه، فكأنه قيل: قد تمكَّنَ الإثمُ في أصلِ نفسه، ومَلَكَ أشرفَ مكان فيه، والقلبُ هو محلُّ تحمُّلِ الشهادةِ والعقائدِ والنياتِ.
﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ قال ابن عباس: "أَكْبَرُ الكبائرِ الإشْراكُ باللهِ، وشَهادةُ الزورِ، وكَتْمُ الشَّهادَةِ" (٢) والشهادةُ حجَّةٌ شرعيةٌ تُظْهِرُ الحقَّ ولا تُوجِبُهُ، فهيَ الإخبارُ بما عَلِمَهُ بلفظٍ خاصٍّ.
﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤)﴾.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٣/ ١٤١).