﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ استثناءٌ من الناس، وهم اليهودُ ومشركو العرب، والمرادُ بالحجة: الاعتراضُ والمجادلةُ، لا الحجةُ حقيقةً، والمجادلةُ الباطلةُ قد تسمَّى حُجَّة؛ كقوله (١): ﴿حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [الشورى: ١٦]، أما قريشٌ تقولُ: رجعَ إلى الكعبة؛ لأنه علمَ أنها الحقُّ، وأنها قبلةُ آبائه، فهكذا يرجعُ إلى ديننا، وأما اليهودُ تقول: لم ينصرفْ عن بيتِ المقدسِ معَ علمِه أنه حقٌّ إلا أنه يعملُ برأيه.
﴿فَلَا تَخْشَوْهُمْ﴾ في توجُّهكم إلى الكعبة، وتظاهُرِهِم عليكم؛ فإني وليُّكم بالحجَّةِ والنُصْرَة.
﴿وَاخْشَوْنِي﴾ بامتثالِ أمري؛ ثم عطفَ على قولهِ ﴿لِئَلَّا﴾ قولَه:
﴿وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ﴾ بهدايتي إياكم إلى الكعبة (٢) وغيرِها، ومن تمامِ النعمة الموتُ على الإسلام. ثم عطفَ على ما تقدَّم قولَه:
﴿وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ من الضلالة، ولعل وعسى (٣) من اللهِ واجبان؛ لأنهما للرجاء والإطماع، والكريمُ لا يُطْمِعُ إلا فيما يفعل.
﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١)﴾.

= (٢/ ٢٣٧)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ١٥٠)، و"معجم القراءات القرآنية" (١/ ١٢٧).
(١) في "ت": "لقوله".
(٢) في "ن": "إلى الكعبة إياكم".
(٣) في "ن": "وعسى ولعل".


الصفحة التالية
Icon