﴿الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ﴾ والمرادُ: الوثنياتُ: بدليل قوله تعالى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [المائدة: ٥]، وقوله - ﷺ -: "نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا" (١)، فلا يجوزُ لمسلمٍ نكاحُ الوثنيَّات، ولا المجوسيَّات، ولا غيرِهن من أنواعِ المشركاتِ اللاتي لا كتابَ لهنَّ بالاتفاق، وسببُ نزولِها: أن أبا مَرْثَدٍ سألَ النبيَّ - ﷺ - عن تزويجِ عَناقَ، وكانت مشركةً، فنزلت (٢):
﴿وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ﴾ بجمالِها ومالِها. نزلَتْ في خَنْساءَ: وَليدةٍ سوداءَ كانَتْ لحذيفةَ بنِ اليمان، قالَ حذيفةُ: يا خنساء! قد ذُكِرْتِ في الملأِ على سوادِكِ ودهامَتِكِ، فأعتقَها وتزوَّجها (٣)، والمرادُ: كلُّ امرأةٍ مؤمنةٍ، حُرَّةً كانت أو أَمَةً.
﴿وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ أي: لا تُزَوِّجوهم.
﴿حَتَّى يُؤْمِنُوا﴾ فلا يجوزُ تزويج مسلمة بكافرٍ إجماعًا.

(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٣٧٨)، وقال: هذا الخبر وإن كان في إسناده ما فيه، فالقول به لإجماع الجميع على صحة القول به.
(٢) رواه أبو داود (٢٠٥١)، كتاب: النكاح، باب: في قوله تعالى: ﴿الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً﴾ والنسائي (٣٢٢٨)، كتاب: النكاح، باب: تزويج الزانية، والترمذي (٣١٧٧)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة النور، وقال: حسن غريب، وغيرهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما -. قال ابن حجر في "تخريج أحاديث الكشاف" (١/ ١٣٦): فظهر أن هذا الحديث ليس في هذه الآية التي في البقرة، وإنما هو في الآية التي في النور، لكن ذكره الواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٣٧) في هذه الآية التي في البقرة عن ابن عباس -رضي الله عنهما -.
(٣) انظر: "تفسير البغوي" (١/ ٢١٣).


الصفحة التالية
Icon