يضعُ فيه التوراة، ومتاعًا من متاعه إلى أن مات، ثم تداولَه أنبياءُ بني إسرائيل، وكان كما ذكر (١) الله تعالى:
﴿فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ أي: طُمَأنينة وحكمةٌ؛ لأنهم كانوا يسكنون إليه أينما كان، وإذا حضروا القتال، قَدَّموه بينَ أيديهم يَسْتنصرون به، وقيل: كانَ فيه شيءٌ كرأس الهرةِ إذا سمعوا صوتَهُ أيقنوا بالنصر، وإذا اختلفوا في شيء، تكلَّمَ وحكمَ بينهم.
﴿وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ﴾ أي: موسى وهارون نفسُهما، وكان فيه لوحانِ من التوراة، ورضاضُ المنكسرِ من ألواحِها، وعصا موسى ونعلاه، وعِمامةُ هارون، وخاتمُ سليمانَ، وقفيزٌ من المنِّ الذي أُنزل على بني إسرائيل.
﴿تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ﴾ قال ابن عباس: "جاءتِ الملائكةُ بالتابوتِ تحملُه بينَ السماء والأرض، وهم ينظرون إليه حتى وضعَتْه عندَ طالوتَ، فأقروا بملكه، قال ابنُ عباس: التابوتُ وعصا موسى في بحيرة طبرية يخرجان قبلَ يوم القيامة (٢).
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً﴾ لعبرة.
﴿لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ فلما رأوا التابوتَ، أيقنوا بالنصر، فتسارعوا إلى الجهاد، فقال طالوتُ: لا أبتغي إلا الشابَّ النشيطَ الفارغَ (٣)، فاجتمعَ له ثمانون ألفًا من شرطه.

(١) في "ت": "ذكره".
(٢) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٢/ ٦٠٩).
(٣) في "ن" و"ت": "الفارع".


الصفحة التالية
Icon