جعلَ الدليلَ على بطلانِ قياسِهم تحليلَ الله وتحريمَه.
﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ﴾ أي: بَلَغَهُ موعظةُ تذكيرٍ وتخويفٍ.
﴿مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى﴾ عن أكلِ الربا.
﴿فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ أي: مضى من ذنبه قبلَ النهي مَعْفُوٌّ عنه.
﴿وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ فيما يأمره وينهاه، وليس له شيء من أمر نفِسه.
﴿وَمَنْ عَادَ﴾ إلى الربا بعدَ النهي.
﴿فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ عن جابر قالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللهِ - ﷺ - آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ" (١)، وقد اتفقَ الأئمةُ على تحريم الربا، وجوازِ البيع؛ لنصِّ الكتابِ والسنةِ فيهما، والبيعُ مصدرُ بعتُ، يقال: باعَ يبيعُ بمعنى: ملكَ، واشتقاقُهُ من الباع؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ من المتعاقِدَين يمدُّ باعَه للأخذِ والعطاء، ومعناهُ لغةً: إعطاءُ شيءٍ، وأخذُ شيء، وشَرْعًا: مبادَلَةُ المالِ بالمالِ لغرضِ التملُّكِ، ويصحُّ بالإيجابِ والقَبُول بالاتفاق، فيقولُ البائعُ: بعتُكَ، أو مَلَّكْتُكَ، ويقولُ المشتري: ابْتَعْتُ، أو قَبِلْتُ ونحوهما، واختلفوا في المعاطاة مثلَ أن يقول: أَعْطِني بهذا الدينار خُبْزًا (٢)، فيعطيه ما يُرضيه، أو يقولُ البائعُ: خذْ هذا بدرهم، فيأخذهُ، فقال الشافعيُّ: لا يصحُّ، وقال الثلاثة: يصحُّ؛ لأنه يدلُّ على الرضا المقصودِ من الإيجابِ والقبول.

(١) رواه مسلم (١٥٩٨)، كتاب: المساقاة، باب: لعن آكل الربا ومؤكله، عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-.
(٢) "خبزًا" ساقطة من "ش".


الصفحة التالية
Icon