(أحكام الوصايا)
٦ - (٦) قوله جل ثناؤه: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ١٨٠].
أقول: اختلفَ أهلُ العلمِ في تأويلِ هذه الآية اختلافاً كثيراً، فاختلفوا في نسخها، وفي الناسخ لها، وفي المَنْسوخِ منها (١).
* فذهبَ فريقٌ من الناسِ إلى عَدَمِ نَسْخهِا، ثم اختلفتْ بهمُ الطرقُ:
فقال بعضُهم (٢): يجمع للوارثِ بين الوصيَّةِ والإرثِ بهذه الآية، وبآيةِ المواريث. وهذا القولُ بعيد جداً، مخالف للإجماع.
وتأوَّلَ بعضُهم فقال: معنى الآية: كتبَ عليكمْ ما أوصى من توريثِ الوالدينِ والأقربينَ من قوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ﴾ الآية [النساء: ١١]. وكتب على المُحْتَضَر أن يوصي للوالدين والأقربين بتوفير

(١) انظر: "الناسخ والمنسوخ" (ص: ٣٥)، و "المصفى بأكف أهل الرسوخ" (ص: ١٧ - ١٨)، و "ناسخ القرآن العزيز ومنسوخه" (ص: ٢٥)، و"قلائد المرجان" (ص: ٧٥ - ٧٦).
(٢) هو قول الجصاص من الحنفية، وأحد التقريرات الثلاثة التي وجه بها الرازي قول أبي مسلم الأصفهاني في كون الآية غير منسوخة. انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٢٠٥)، و "تفسير الرازي" (٣/ ٦٧)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (٢/ ٢٠).


الصفحة التالية
Icon