فصل


وأقْسَمَ على صفة الإنسان بقوله سبحانه [ن/٢]: ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (١)﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦)﴾ [العاديات/ ١ - ٦].
وأقسم على عاقبته، وهو قَسَمٌ على الجزاء؛ في قوله: ﴿وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢)﴾ [العصر/ ١ - ٢] إلى آخر السورة. وفي قوله تعالى: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١)﴾ إلى قوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [التين/ ١ - ٦].
وحَذَفَ جوابَ القَسَم؛ لأنَّه قد عُلِم أنَّه يُقْسِمُ على هذه الأمور، وهي متلازمة، فمتى ثبت أنَّ الرسول حق ثبت القرآنُ والمَعَادُ، ومتى ثبت أنَّ القرآن حقٌّ ثبت صدق الرسول الذي جاء به (١)، ومتى ثبت أنَّ الوعد والوعيد حقٌّ ثبت صدقُه وصدقُ الكتاب الذي جاء به.
والجوابُ يُحذَف تارةً ولا يُراد ذِكْرُه، بل يراد تعظيمُ المُقْسَمِ به، وأنَّه ممَّا يُحلَفُ به، كقول النبيِّ - ﷺ -: "من كان حالفًا فَلْيَحلِفْ باللهِ أو لِيَصْمُتْ" (٢).
لكن هذا في الغالب يُذْكَرُ معه الفعلُ دون مجرَّدِ حرف القَسَم، كقولك: فلانٌ يَحْلِفُ باللهِ وحده، وأنا أحلفُ بالخالق لا بالمخلوق، ونحوِ ذلك -فالنصرانيُّ يحلفُ بالصليب والمسيح-، وفلانٌ أكذَبُ ما
(١) من قوله:
"ومتى ثبت أن القرآن " إلى هنا؛ ساقط من (ن).
(٢) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم (٦٢٧٠)، ومسلم في "صحيحه" رقم (١٦٤٦)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.


الصفحة التالية
Icon