وقال تعالى: ﴿قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (١٢)﴾ (١) [فصلت: ٩ - ١٢].
وقال تعالى: ﴿فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٩٦)﴾ [الأنعام: ٩٦].
فهذه ثلاثةُ مواضع يذكرُ فيها أنَّ تقدير حركات الشمس والقمر والأجرام العُلْوِيَّةِ وما نشأ عنها كان من مقتضى عِزَّته وعلمه، وأنَّه قدَّرَهُ بهاتين الصفتين، وفي هذا تكذيبٌ لأعداء الله الملاحدة الذين يَنْفُون قدرته، واختياره، وعلمه بالمُغَيَّبَات.
فصل
وأقسَمَ -سبحانه- بهذه الأشياءِ الثلاثةِ -وهي: القمر، والليل إذا أدبر، والصبح إذا أسفر- على المَعَاد؛ لِمَا في المُقْسَم به من الدلالة على ثبوت المُقْسَم عليه، فإنَّه يتضمَّنُ كمال قدرته، وحكمته، وعنايته بخلقه، وإبداء الخَلْقِ وإعادته، كما هو مشهودٌ في إبداء النَّهار والليل وإعادتهما، وفي إبداء النُّور وإعادته في القمر، وفي إبداء الزَّمَان وإعادته الذي هو حاصِلٌ بسير الشمس والقمر، وإبداء الحيوان والنَّبَات وإعادتهما، وإبداء فصول السَّنَة وإعادتها، وإبداء ما يحدث في تلك