فصل
ثمَّ أخبر -سبحانه- عن تكميل نعيمهم بإلحاق ذُرِّياتهم بهم في الدرجة -وإنْ لم يعملوا أعمالهم- لِتَقَرَّ أعينُهم بهم، ويَتِمَّ سرورُهم وفرحُهم.
وأخبر -سبحانه- أنَّه لم ينقُص الآباءَ من عملهم من شيءٍ بهذا [ز/٩٨] الإلحاق، فينزلهم من الدرجة العُلْيا إلى السُّفْلَى، بل أَلْحَقَ الأبناء بالآباء، ووفَّر على الآباء أجورَهم ودرجاتهم.
ثمَّ أخبر -سبحانه- أنَّ هذا إنَّما هو فعله في أهل الفضل، وأمَّا أهل العدل فلا يفعل بهم ذلك، بل ﴿كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (٢١)﴾ [الطور/ ٢١]، ففي هذا رفْعٌ لتوهُّم التسوية بين الفريقين في هذا الإلحاق، كما في قوله: ﴿وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الطور/ ٢١] رفْعٌ لتوهُّم حَطِّ الآباء إلى درجة الأبناء، وقسمةِ أجور الآباء بينهم وبين الأبناء فينتقص (١) أجر أعمالهم، فرفع هذا التوهُّمَ بقوله: ﴿وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ أي: ما نَقَصْنَاهم.
ثُمَّ ذكر إمدادَهم باللَّحم، والفاكهة، والشَّراب، وأنَّهم يتعاطَون كؤوس الشَّرَاب بينهم، يشرب أحدُهم ويناول صاحبه ليتمَّ بذلك فرحهم وسرورهم.
ثمَّ نزَّه ذلك الشَّراب عن الآفات من اللَّغْو من أهله عليه، ولُحُوق الإثم لهم؛ فقال: ﴿لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (٢٣)﴾ [الطور/٢٣]، فنفَى بـ "اللَّغْوِ": السِّبَابَ، والتخاصُمَ، والهُجْرَ (٢)، والفُحْشَ في المقال،
(١) في (ز): فينقص.
(٢) "الهُجْر" هو: الفاحش والقبيح من القول، وكذلك إذا أكثر الكلام فيما لا =
(٢) "الهُجْر" هو: الفاحش والقبيح من القول، وكذلك إذا أكثر الكلام فيما لا =