فصل


لمَّا اقتضى كمال الرَّبِّ -جَلَّ جلاله- وقدرتُه التامَّة، وعلمه المحيط، ومشيئته النافذة، وحكمته البالغة، تنويعَ (١) خلقه من المَوَادِّ المتباينة، وإنشَاءَهُم في الصُّوَر المختلفة، والتبايُنَ العظيم بينهم في المَوَاد، والصُّوَر، والصِّفَات، والهيئات، والأشكال، والطبائع، والقوى = اقتضت حكمتُه أن أخذ من الأرض قبضةً من ترابٍ (٢)، ثُمَّ ألقى عليها الماء، فصارت مثل (٣) "الحَمَأ المَسْنُون" (٤)، ثُمَّ أرسل
(١) في (ز) و (ك) و (ط): بتنوع، وما أثبته من (ح) و (م).
(٢) عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - ﷺ -: "إِنَّ الله - عَزَّ وَجَلَّ - خلقَ آدمَ من قَبْضَةِ قبَضَها من جميع الاْرض، فجاء بنو آدمَ على قَدْرِ الأرض؛ جاء منهم الأبيضُ والأحمرُ والأسودُ وبين ذلك، والخبيثُ والطيِّبُ، والسَّهْلُ والحَزْنُ، وبين ذلك".
أخرجه: عبد الرزاق في "التفسير" (١/ ٤٣)، وأحمد في "المسند" (٤/ ٤٠٠ و ٤٠٧)، وأَبو داود في "سننه" رقم (٤٦٩٣)، والترمذي في "سننه" رقم (٢٩٥٥)، وعبد بن حميد في "المنتخب" رقم (٥٤٨)، وابن حِبَّان في "صحيحه" رقم (٦١٦٠ و ٦١٨١)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٢٦١)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ٣) وغيرهم.
قال الترمذي: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيح"، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وانظر: "السلسلة الصحيحة" رقم (١٦٣٠).
(٣) ساقط من (ز).
(٤) "الحَمَأُ" والحَمْأَةُ: طِينٌ أسودٌ مُنْتِنٌ. و"مَسْنُون" أي: متغيِّر.
انظر: "مفردات الراغب" (٢٥٩ و ٤٢٩).


الصفحة التالية
Icon