"القلب"، فلا يُحِسُّ بما ناله (١) الشيطان، مع أنَّه في غاية العذاب، والألَم، والضِّيق، والحَصْر، ولكنَّ سُكْرَ الشهوة والغفلة حَجَبَ عنه الإحساس بذلك المُؤْلِم.
فإذا كُشِفَ عنه بعض غطائه أدركَ سُوءَ حاله، وعَلِمَ ما هو فيه، فإن استمرَّ له كَشْفُ [ز/١٤٩] الغطاء أمكَنَهُ (٢) تدارُكُ هذا الدَّاءِ وحَسْمُهُ، وإن عادَ الغطاءُ عادَ الأمر كما كان، حتَّى يُكْشَفَ عنه وقت المُفَارَقَة، فتظهر حينئذٍ تلك الآلامُ، والهُمومُ، والغمومُ، والأحزانُ، وهي لم تتجدَّدْ له، وإنَّما كانت كامنةً فيه، تُوَارِيها الشَّوَاغِلُ، فلمَّا زالت الشَّوَاغل ظهر ما كان كامنًا، وتجدَّدَ له أضعافُه.

فصل


والشيطانُ يُلِمُّ بـ "القلب" لِمَا له هناك من جَوَاذِب تجذبه، وهي نوعان: صفات، وإرادات.
فإذا كانت الجَوَاذِبُ صفاتٍ [ك/١٢٥] قَويَ سُلْطَانُه هناك، واسْتفْحَلَ أمرُهُ، ووجَدَ موطِنًا ومَقَرًّا، فتبقى (٣) الأذكارُ والدَّعواتُ والتعوُّذَاتُ التي يأتي بها الإنسانُ (٤) حديثَ نفسٍ، لا تدفعُ سلطانَ الشيطان؛ لأنَّ مَرْكبَهُ صفةٌ لازِمةٌ.
(١) في (ك) و (ح) و (ط) و (م): ما نازله.
(٢) "أمكنه" ساقط من (ك).
ومن قوله: "عنه بعض غطائه... " إلى هنا؛ ساقط من (ح) و (م).
(٣) في (ح) و (م): فتأتي.
(٤) "التي يأتي بها الانسان" ساقط من (ح) و (م).


الصفحة التالية
Icon