الآية (٧)
* قَال اللهُ عَزَّ وَجلَّ: ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [الزخرف: ٧].
قَال المُفَسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [﴿وَمَا﴾ كَانَ ﴿يَأْتِيهِمْ﴾] قدَّر المُفَسِّر (كَانَ)، لأَنَّ الأمْرَ قَدْ مَضى، ولَوْ كَانَ عَلَى نَسَقِ الكَلَامِ ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ﴾ لكَانَ هَذَا فِي المُستقَبَلِ؛ لذَلِكَ قدَّر المُفسّر (كان) وهَذَا يَدُلُّ عَلَى عُمْقِ عِلْمِ المُفسِّرِ.
ولكِنْ خيرٌ مِنْ ذَلِكَ أَنْ نَقُولَ: لَا حَاجَةَ إِلَى التَّقدِيرِ؛ لأنَّهُ إِذَا دَارَ الأَمْرُ بَينَ أَنْ يكُونَ فِي الكلَامِ مُقدَّرٌ أَوْ لَا يكُونُ مُقدَّرٌ، فالأصْلُ عدَمُ التَّقدِيرِ، فنَقُول: الآيَةُ بَاقيَةٌ عَلَى ظَاهرِهَا، لكِنَّها عَلَى حِكَايَةِ الحالِ؛ يَعْنِي: كَأَنَّ المَاضِيَ حَاضِرٌ الْآنَ، وهَذَا أبلَغُ فِي تخْويفِ قُريشٍ مِنَ المُخالفَةِ.
فالمُفَسِّر قدَّر (كان)؛ لأَنَّ القُرآنَ يَتحَدَّثُ عَنْ شَيءٍ مَضَى، فلَا بُدَّ أَنْ يُقدِّر فعْلًا مَاضِيًا، ونحْنُ نقُولُ: لَا حَاجَةَ إِلَى التَّقدِيرِ، وجاءَتِ الْآيَة في سِيَاقِ الفِعْلِ المُضارَعِ الدَّالِّ عَلَى الاستِقْبَالِ حكَايَةً للحَالِ، كأَنَّ الأَمْرَ وَاقِعٌ الْآنَ، فيَكُونُ هَذَا أبْلَغَ فِي إنْذَارِ قُريشٍ وتَحذِيرِهِمْ.
وقولُهُ: ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ﴾: ﴿مِنْ﴾ هذ زَائدَةٌ إعْرَابًا، لكنَّهَا مُفيدَةٌ للمَعْنَى، زائِدَةٌ إعْرابًا بمَعْنَى: أنَّها لَوْ نُزِعتْ مِنَ السِّياقِ لتَمَّ بدُونِها، لَوْ كَانَ لَفْظُ الآية الكرِيمَةِ (ومَا يَأتيهِمْ نَبِيٌّ) يَستَقِيمُ الكلَامُ، ولكِنْ جاءَتْ (مِنْ) زِيادَةً فِي الفَائِدَةِ، وهِيَ كَمَا