الآية (١٥)
* قَال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ﴾ [الزخرف: ١٥].
قَوُلهُ: ﴿وَجَعَلُوا﴾ الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى مُشرِكي قُريشٍ. أَي: صَيَّروا ﴿لَهُ﴾ أَي: لله ﴿مِنْ عِبَادِهِ﴾ أَي: مِنْ مَخلُوقَاتِهِ، وجَمِيعُ المَخلُوقَاتِ عِبَادٌ لله عَزَّ وَجلَّ، والمُرادُ بالعِبَادِ هُنَا: الملائِكَةُ ﴿جُزْءًا﴾ أَي: بَعْضًا مِنْهُ، حَيثُ قَالُوا: الملائِكَةُ بنَاتُ اللهِ، واليَهُودُ قَالُوا: عُزَيرٌ ابْنُ اللهِ، والنَّصارَى: قَالُوا المَسيحُ ابْنُ اللهِ.
وقَولُهُ: ﴿جُزْءًا﴾، لأنَّ الولَدَ جُزْءٌ مِنْ أَبيهِ، كما قَال النَّبيُّ - ﷺ - فِي ابْنَتِهِ فاطَمَةَ - رضي الله عنها -: "إِنَّهَا بَضْعَةٌ مِنِّي يَرِيبُهَا مَا رَابَنَي" (١)، وَذلِكَ حِينَما تَحدَّثَ النَّاسُ أن عليَّ بْنَ أَبِي طالِبٍ يُرِيدُ أَنْ يَتزَوَّجَ علَيها بنْتَ أَبِي جَهْل فأَنْكَرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ذَلِكَ وقَال: "لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُوْنَ بِنْتُ نَبِيِّ اللهِ مَعَ بِنْتِ عَدُوِّ اللهِ".
إذَنِ: الجُزْءُ البعْضُ، والقَائِلُ ثلَاثَةُ أصنَافٍ مِنَ النَّاسِ: المُشرِكُونَ، واليَهُودُ، والنَّصارَى.
فهَؤُلاءِ المُشرِكُونَ -والعِيَاذُ باللهِ- جعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا، وتَأمَّلْ قَولَهُ:

(١) أخرجه البخاري: كتاب أصحاب النَّبيِّ - ﷺ -، باب ذكر أصهار النَّبي - ﷺ -، رقم (٣٧٢٩)، ومسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل فاطمة بنت النَّبي عَليهَا السَّلَامُ، رقم (٢٤٤٩)، من حديث المسور بن مخرمة - رضي الله عنه -.


الصفحة التالية
Icon