الآية (١٦)
* قَال اللهُ عزَّ وَجَلَّ: ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦)﴾ [الزخرف: ١٦].
ثُمَّ قَال اللهُ عَز وجلَّ: ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ﴾: ﴿أَمِ﴾ هُنَا مُنقطِعَةٌ، بمَعْنى بَلْ والهمْزَةُ، واعْلَمْ أن (أَمْ) تَأتِي مُتَّصِلَةً إِذَا كَانَتْ بَينَ شَيئَينِ مُتسَاويَين، ومُنقطِعَةً إذَا كَانَ مَا بعْدَها مُنقطِعًا عمَّا قبْلَها، فَفِي قَولِهِ: ﴿سَوَاءٌ عَلَيهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ [البقرة: ٦] هَذه مُتَّصِلةٌ، وفِي مِثْل هذِهِ الْآيةِ ﴿أَمْ﴾ مُنقطِعَة، المُنقطِعَةُ يُقدِّرُها النَّحويُّون بـ (بَلْ) والهمْزَةِ.
قَال المفسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [﴿أَمِ﴾ بمَعْنَى هَمْزَةِ الإنْكَارِ، والقَوْلُ مُقدَّر، أَي: أتقُولُونَ ﴿اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ﴾ لنَفْسِهِ ﴿وَأَصْفَاكُمْ﴾ أخْلَصَكُم ﴿بِالْبَنِينَ﴾ اللَّازِم مِنْ قَولِكُم السَّابقِ فهُوَ مِنْ جملَةِ المُنكَرِ].
قَولُهُ تعَالى: ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ﴾: ﴿أَمِ اتَّخَذَ﴾ قدَّرهُ المفسِّر بمَعْنَى: (بَلْ يَقُولُونَ)، ولَا حَاجَةَ لهذَا التَّقدِيرِ، بَلْ هُوَ كَلامٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ أَنْكَرَ عَلَى هَؤُلاءِ، يَعْنِي: بَلْ عَلَى قَولِكُم: ﴿اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ﴾ لأنَّهُم قَالُوا: الملائكَةُ بنَاتُ اللهِ، ﴿وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ﴾ يَعْنِي: أَخلَصَكُم بالبَنينَ وخصَّكُم بهَا؛ لأنَّهُم يَقُولُونَ: البنَاتُ للهِ، والبَنُون لَنَا. فهَلْ هَذَا عَدْلٌ، هَلْ هَذَا حَقٌّ؟ !


الصفحة التالية
Icon