الآية (٢٢)
قَال اللهُ عَزَّ وجلَّ: ﴿بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢)﴾ [الزخرف: ٢٢].
﴿بَلْ﴾ هَذه للإِضْرَاب، إضرَابُ انتِقَالٍ، يَعْنِي: انتَقَلُوا إِلَى شَيءٍ آخَرَ، قَالُوا: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ أَي: عَلَى مِلَّةٍ، وإنَّا مَاشُونَ عَلَى آثَارِهِمْ، مُهتَدُون بهِمْ، وكَانُوا يَعبُدونَ غَيرَ اللهِ.
هذ حُجَّة مِنْ حُجَجِهِمُ، احتَجُّوا فِي الأوَّلِ بالقَدَرِ، الْآنَ احتَجُّوا بالقُدوَةِ، قَالُوا ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ نَتكَلَّمُ عَلَى مَعْنَى (أُمَّةٍ)، يَقُولُ المُفسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [مِلَّة] وقَدْ ذَكَرْنا قَرِيبًا أن (أُمَّة) فِي القُرآنِ تَدُلُّ عَلَى عِدَّة معَانٍ:
١ - أنَّها تَكُونُ بمَعْنَى: إمَامٍ، مِثْلَ قَوْلِهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالى: ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا﴾ [النحل: ١٢٠].
٢ - تَكُونُ بمَعْنى: وَقْتٍ، كقَوْلِهِ تعَالى: ﴿وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ [يوسف: ٤٥].
٣ - تَكُونُ بمَعْنَى: طَائِفَةٍ مِنَ النَّاسِ، كقَوْلِهِ تعَالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا﴾.
٤ - تكونُ بمَعْنَى الدِّينِ، كقَولِهِ: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ﴾ أَي: عَلَى مِلَّة.