الآية (٣٥)
قَال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف: ٣٥].
قَال تعَالى: ﴿وَزُخْرُفًا﴾ هَذَا الذَّهَبُ، فهِيَ ﴿سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيهَا يَظْهَرُونَ﴾ أبْواب فَخمَةٌ ﴿وَسُرُرًا﴾ مُريحَة ﴿وَزُخْرُفًا﴾ يَعْنِي: ذهَبًا، خمسَةُ أشيَاءَ. قَال رَحَمَهُ اللهُ: [المَعْنَى: لَوْلَا خَوْفُ الكُفْرِ عَلَى المُؤمِنِ مِنْ إعطَاءِ الكَافِرِ مَا ذُكِر لأَعْطَينَاهُ ذَلِكَ؛ لقِلَّةِ خَطَرِ الدُّنيا عنْدَنا، وعَدَمِ حَظِّهِ فِي الآخِرَةِ فِي النَّعيمِ].
ووجْهُ ذَلِكَ أن النّفوسَ مَيَّالةٌ إِلَى اللَّهْو واللَّعِبِ والتَّرَفِ، فإِذَا رَأَى الإنسَانُ هَذَا التَّرَفَ للكَافِرِ؛ فإِنَّ ذَلِكَ يُغرِيهِ ويَضُرُّهُ، كَمَا يُفعَلُ الْآنَ -بالنِّسبَةِ للمُنصِّرِينَ ضُلَّال النَّصارَى-، يَمشُونَ إلَى الأقَالِيمِ الفَقِير ويزيِّنُون لهُمُ الدُّنيَا، وهؤُلَاءِ الفقَرَاءُ يَتَّبِعُونَهم؛ لأَنَّ النُّفُوسَ مجَبُولَةٌ عَلَى محبَّةِ المَالِ، والفَخْرِ والخُيَلَاءِ.
قَال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾.
يَقُولُ المُفسِّرُ رَحَمَهُ اللهُ: [(إِنْ) مُخَفَّفةٌ مِنَ الثَّقيلَةِ] الثَّقيلَةُ: المُشدَّدةُ، والمُخفَّفةُ: مَا حُذِفَ تَشدِيدُها. [﴿وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا﴾ فَـ (مَا) زَائِدَةٌ، والتَّشدِيدُ بمَعْنَى (إلا)]، أَي: فِيهِمَا قِرَاءَتَانِ: لمَا ولمَّا، [فَـ (إِنْ) نَافيَةٌ] خَلَطَ المُفسِّر رَحَمَهُ اللهُ، الْآنَ (إِنْ) إعرَابُها عَلَى أنَّها مخُفَّفة مِنَ الثَّقيلَةِ، فهِيَ مُؤكِّدَةٌ، ثُمَّ قَال فِي الأَخِيرِ: فَـ (إِنْ) نَافِيَةٌ.


الصفحة التالية
Icon