الآية (٣)
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [السجدة: ٣].
* * *
ثم قال: [﴿أَمْ﴾ بل ﴿يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ محمدٌ؟ لا].
﴿أَمْ﴾ يقول المُفَسِّر إنَّها بمعنى [بل] إذَنْ فهي للإضراب الإنتقاليِّ، وليست للإضراب الإبطاليِّ؛ لأنَّها لم تُبْطِل ما سَبَقَها، ولكنَّها مع ذلك مُضَمَّنةٌ معنى بل والهمزة، وأَصْلها: بل أَيَقُولون افْتَراه؟ والإسْتِفْهامُ في هذه الآية للإِنْكارِ بدليلِ قوله رَحِمَهُ اللهُ: [لا]، يعني أنه ليس مُفْترًى، والإفتراءُ معناه الكَذِب، فمعنى ﴿افْتَرَاهُ﴾ أي: كَذَب بادِّعائِهِ أنَّه من عند الله.
وقوله تعالى: ﴿بَلْ هُوَ﴾ أي: القرآنُ أو الكِتابُ؛ كما عبَّر الله به.
وقوله تعالى: ﴿الْحَقُّ﴾ أي: الثَّابتُ الذي لا يَتَزَلْزَل، وهو الحقُّ المشتَمِلُ على كلِّ خيرٍ.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾ حالٌ من قوله: ﴿هُوَ﴾ يعني: حالَ كَوْنِه من ربِّك، وتأمَّلْ في الآية الأُولى قال: ﴿مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وهنا قال: ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾ لأنَّ الذي اتُّهِمَ بالإفتراءِ هو الرَّسولُ - ﷺ -، فأراد الله تعالى أن يُبَيِّنَ أنَّ الرَّسولَ - ﷺ - لا يُمْكِن أن يَفْتَرِيَ الكَذِبَ؛ لأنَّ له من الله ربوبيَّةً خاصَّةً وهي قوله: ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾ فالرُّبوبيَّةُ هنا


الصفحة التالية
Icon