الآية (٥)
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ [السجدة: ٥].
* * *
قولُهُ رَحِمَهُ اللهُ: [﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ مُدَّةَ الدُّنيا ﴿ثُمَّ يَعْرُجُ﴾ يَرْجِعُ الأَمْرُ والتَّدبيرُ ﴿إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ في الدُّنيا، وفي سورة (سأل): ﴿خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] وهو يومُ القيامَةِ لشِدَّة أَهْوَالِهِ بالنِّسْبَة إلى الكُفَّار].
قوله تعالى: ﴿مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ المرادُ بالسَّماءِ هنا: تلك الأجرامُ المعهودَةُ المعروفة، يدبِّرُها من السَّماء إلى الأرض ثم يَعْرُجُ إليه؛ يعني: من السَّماءِ الدُّنيا إلى الأَرْضِ، ثم يَعْرُجُ إليه؛ أي: إلى الله تعالى، ولا يَلْزَمُ أن يكون الله في السَّماءِ الدُّنيا.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَعْرُجُ﴾ يعني: يَرْجِعُ إليه؛ فقوله تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾ الذي يَعْرُج إليه هو: ما يَتَرَتَّبُ على ذلك الأَمْرِ؛ أمَّا الأَمْرُ فهو نازِلٌ؛ مِثْل لو أَمَر عَزَّ وَجَلَّ بأن يقومَ هذا الرَّجُل بعبادَةِ الله، تكون عبادة، ثم يَرْجِعُ إليه ثوابُ العمل أو العقاب عليه حَسَب ما يَفْعَلُه هذا العبدُ، كذلك أيضًا ينزل الأَمْرُ من السَّماءِ بنُزُولِ المَطَرِ، ثم يَرْجِعُ إليه: حصل هذا الشَّيءُ بأنَّه نزل فأحيا به الأَرْضَ بعد موتها وما أشبه ذلك، فالأَمْرُ نازِلٌ وصاعِدٌ؛ من السَّماء إلى الأَرْض.