الآية (١١)
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ [السجدة: ١١].
* * *
قوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿قُلْ﴾ لهم ﴿يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾ أي: بِقَبْضِ أرواحِكُم] ﴿يَتَوَفَّاكُمْ﴾ يَقْبِضُكُم، كما تقول: توفَّيتُ حقِّي من فلانٍ؛ أي: طَلَبْتُه وكذلك استوفَيْتُه؛ أي: قَبَضْتُه على سبيل الوفاء وهو الكمالُ، فمعنى يتوفَّاكُم أي يَقْبِضُكم، والمراد قَبْضُ الأَرْواح.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿مَلَكُ الْمَوْتِ﴾ مَلَكٌ: مُفْرَد ملائِكَةٍ، أو مُفْرَدُ أَمْلاك، وهو مُشْتَقٌّ من الأَلُوكَةِ بمعنى الرِّسالَةِ، وعلى هذا فأصْلُه مَأْلَكٌ، ثم حُوِّل فقُدِّمَتِ اللَّام وأُخِّرَت الهمزةُ، فكانت (مَلْأَك) ثم خُفِّفَ فحُذِفَتِ الهمزةُ فصار: مَلَكًا؛ ولهذا إذا جُمِع جاءت الهمْزَة فقيل: ملائكة، ولا يقال: مَأَلِكَة؛ لأنَّ فيه إعلالًا بالتَّحويلِ؛ يعني: تقديم وتأخير وهو من الأَلُوكَة؛ أي: الرِّسالة؛ فمَلَكُ الموتِ معناه الذي أَرْسَلَه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لقَبْضِ الأرواح؛ كما قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام: ٦١].
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿مَلَكُ الْمَوْتِ﴾ أُضِيفَ إلى الموت؛ لأنه يُميتُ النَّاسَ بإذن الله، فسُمِّيَ مَلَكَ الموت، وقد سُمِّيَ في بعض الآثارِ بعِزْرَائِيلَ، ولكنَّه لم يَصِحَّ