الآية (١٣)
* * *
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [السجدة: ١٣].
* * *
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ اللهمَّ اهْدِنْا فيمن هَدَيْتَ! قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا﴾ فتهتدي بالإيمانِ والطَّاعة باختيارٍ منها].
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا﴾ الضَّميرُ يعودُ على الله عَزَّ وَجَلَّ، وأتى بضميرِ الجَمْع تعظيمًا.
فإذا قال النَّصْرانيُّ: الآلَهِة ثلاثَةٌ؛ ولهذا قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا﴾ وهنا للجمْع؛ هاتوا لنا دليلًا يُخرِج هذا اللَّفْظَ عن معناه، وإلا فالصَّوَابُ مَعَنا، وأنتم أيُّها الموحِّدون على ضلالٍ، وإلا لقال الله: ولو شِئْتُ؟
فالجوابُ: أنَّ هذا من باب التَّشْبيهِ والتَّلبيسِ، وإلَّا فارْجِعْ إلى قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة: ١٦٣] فيكون قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا﴾ من باب التَّعْظيمِ، والله تعالى عظيمٌ بصفاته، فكلُّ صِفَةٍ منه من صفاته تقتضي عظمةً غيرَ ما تقتضيه الصِّفَةُ الأخرى، وباجتماعِ هذه الصِّفات يكون هناك عِظَمٌ أعْظَمُ وأَجَلُّ.