الآية (١٤)
* * *
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: ١٤].
* * *
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [وتقول لهم الخَزَنَة إذا دخلوها: ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ﴾] وهل يُوافِقُ ظاهِرَ الآية؟ فقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾ هل يناسِبُ أن يكون القائِلُ الملائِكَةَ في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿إِنَّا نَسِينَاكُمْ﴾؟
الجوابُ: لا؛ إذن القائِلُ هو الله؛ كما قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ فالصَّوابُ: أنَّ هذا القَوْلَ من قَوْلِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، يقولُهُ لهم تقريعًا وتوبيخًا وتنديمًا أيضًا؛ يقول: ﴿فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ﴾ الأمْرُ هنا ليس للإكرامِ ولا لِمُجَرَّدِ الأَمْرِ، ولكن للتَّوْبيخِ والتَّقْريعِ والإهانَةِ.
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿فَذُوقُوا﴾ العذابَ] أفادنا بهذا التَّقْديرِ أنَّ مفعول (ذوقوا) مفعوله محذوفٌ تقديرُهُ: العذاب، ويُحْتَمَلُ ألَّا يكون لها مفعولٌ، والمعنى كقوله تعالى: ﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ [الدخان: ٤٩] فيكون المرادُ مُجَرَّدَ التَّوْبيخِ والإهانَةِ.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا﴾ أي: بِتَرْكِكُمُ الإيمانَ به] والعَمَلَ له وأفادنا بقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [بِتَرْكِكُم] أن (ما) مصدريَّة، وأنَّ ﴿نَسِيتُمْ﴾