الآية (٢٠)
* * *
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ [السجدة: ٢٠].
* * *
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا﴾ بالكُفْر والتَّكْذيب ﴿فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾] والعياذُ بالله (مأواهم) أي: مَرْجِعُهُم النَّار لا يَخْرُجونَ منها، ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا﴾ وانظر إلى قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا﴾ يُمَنَّوْنَ بالخروجِ فترتَفِعُ بهم إلى أن يَقْرُبوا من أبوابِها ثم بعد أن يتَمَنَّوُا الخروجَ ويُرِيدُوه يُعادُونَ فيها، وهذا أشَدُّ - والعياذ بالله - في التَّعْذيب، فلو فَرَضْتَ أنَّك محبوسٌ في مكانٍ فقيل لك: تعالَ، تعالَ، وكلَّما قَرُبْتَ من الباب ردَّكَ أو أن تبقى في حُجْرَة الحَبْس؛ فأيٌّ أشَدُّ؟
الجوابُ: أن يُقَرَّبَ إلى الباب ثم إذا أراد أن يَخْرُجَ قيل له: ارْجِعْ؛ لأنه - والعياذ بالله - إذا فعل هكذا صار كأنه يُحْبَس عدَّة مراتٍ؛ لأنَّ مَن أَشْرَفَ على الحياةِ ثم عاد إلى الموت صار ذلك مَوْتًا آخَرَ فتكون عَوْدَتُه إلى مَحْبِسِه حبسًا ثانيًا.
وهكذا أهلُ النَّار - والعياذُ بالله - يُمَنَّوْنَ الخروجَ، وكلَّما أرادوا أن يخرجوا أُعيدوا فيها، وقيل لهم أيضًا توبيخًا ﴿وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ فيجتمع عليهم - والعياذ بالله - العذابُ الجسميُّ والعذابُ القَلْبِيُّ؛


الصفحة التالية
Icon