الآية (٢٣)
* * *
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [السجدة: ٢٣].
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾: ﴿آتَيْنَا﴾ بمعنى أَعْطَيْنا، وهو إعطاء شرعي قَدَرِيٌّ، وقوله تعالى: ﴿مُوسَى الْكِتَابَ﴾: ﴿مُوسَى﴾ مفعولٌ أوَّلُ، و ﴿الْكِتَابَ﴾ مفعولٌ ثانٍ، و (أل) في قوله تعالى: ﴿الْكِتَابَ﴾ للعَهْدِ الذِّهْني؛ لأنَّه لم يُسْبَقْ له ذِكْرٌ حتى يُحالَ على المذكورِ، وليس شيئًا حاضرًا حتى يقولَ: إنَّه عَهْدٌ حضوريٌّ.
إِذَن: فهو عَهْدٌ ذِهْنِيٌّ؛ لأنه كتابٌ معهودٌ معروفٌ، وهو التَّوْراةُ.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: ﴿فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ﴾ شكٍّ ﴿مِنْ لِقَائِهِ﴾] ﴿فَلَا تَكُنْ﴾ الخطابُ هنا - على ما مشى عليه المُفَسِّر- للرَّسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، والضَّميرُ في لقائه يعودُ على موسى، والمعنى: فلا تكُنْ يا محمَّدُ في مِرْيةٍ؛ أي في شكٍّ ﴿مِنْ لِقَائِهِ﴾ أي لقاءِ موسى؛ يعني فإنَّكَ سَتُلاقيهِ، قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [وقد التَقَيَا ليلَةَ الإسراء] هذا ما ذهب إليه المُفَسِّر وذهب إليه كثيرٌ من المُفَسِّرين أيضًا؛ أنَّ الخطابَ للرَّسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، والضَّميرُ يعودُ على موسى، والمعنى: لا تكُنْ يا محمَّدُ في شكٍّ من مُلاقاةِ موسى؛ فإنَّكَ سَتُلاقيه، وقد لاقاه في لَيْلَة الإسراءِ.