الآيتان (٢٨، ٢٩)
* * *
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٨) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾ [السجدة: ٢٨، ٢٩].
* * *
قال تعالى: [﴿وَيَقُولُونَ﴾ للمؤمنينَ ﴿مَتَى هَذَا الْفَتْحُ﴾ بيننا وبينكم ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾] أعوذ بالله! اسْتَبْطَؤُوا العذابَ فقالوا: متى هذا الفَتْحُ؟ وليس المرادُ فَتْحَ مكَّةَ، بل المراد: (الحُكْمُ بيننا؛ بأن تكون العاقِبَةُ لكم أيُّها المؤمنون وعلينا أيُّها الكافرون؛ متى يكون هذا الذي تُوعَدُون به! ! )، فهو كقوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾.
وهذا الإستِفْهامُ للإستبطاءِ الدَّالِّ على الإنكارِ، وليس للإسْتِعْلامِ والإسْتِرْشادِ، ولكنَّه استبطاءٌ دالٌّ على الإنكارِ؛ يعني كأنَّهم يقولون: إن كُنْتُم صادقينَ بأنَّكُم على حقٍّ، وأنَّ العاقِبَة ستكون لكم، فأينَ ذلك؟ !
وهذا في غايَةِ ما يكون من العِنادِ - والعياذُ بالله - وكان الواجِبُ عليهم أن يخافوا ممَّا وَعَدَهم به المؤمنونَ، لكن هم لا يُصَدِّقونَ كِبْرًا وعنادًا؛ كما قال الله تعالى: ﴿فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾.
وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ﴾ بإنزالِ العذابِ بهم ﴿لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾] فيه التفاتٌ من الخِطابِ إلى الغَيْبةِ؛ لمَّا قال: ﴿قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ﴾