الآية (٣٠)
* * *
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ﴾ [السجدة: ٣٠].
* * *
قول المفسر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ﴾ إنزالَ العذابِ بهم ﴿إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ﴾ بكَ حادِثَ موتٍ أو قَتْلٍ فيَسْتَريحونَ منكَ، وهذا قبلَ الأَمْر بقتالهِم].
قوله تعالى: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ﴾ أَعْرِضْ عنهم، ليس المرادُ إعراضًا عن دَعْوَتِهم، بل المراد: لا تَهْتَمَّ بهم، يعني لا تَجْعَلْ نَفْسَك متعلِّقَةً بهم وانتظِرْ، وهنا المفعولُ محذوفٌ؛ يعني: انتظر نزولَ العذابِ بهم.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ﴾ يُحتَمَل أن يكون المعنى ما قاله المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: أي مُنْتَظِرون أن يَنْزِلَ بك هلاكٌ بقتلٍ أو غَيْرِه، أو: ﴿إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ﴾ باعتبارِ الواقِعِ، لا أنَّهُم منتظِرونَ إهلاكَكَ؛ يعني أنَّهُم منتظرونَ العذابَ الواقِعَ بهم، فهم كأنَّهُم لِتَماديهمْ في الكُفْرِ ينتظرونَ ما يَنْزِلُ بهم من العذابِ.
وقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: إنَّ [هذا قبلَ الأَمْرِ بقِتالِهم] معناه: أنَّ الآيَةَ مَنْسُوخةٌ، وليس كذلك، بل الصَّحيحُ أنها قَبْلَ الأَمْر بالقتالِ؛ لأن هذه السُّورة مكيَّة فهي قبل الأمر بالقتال بلا شكٍّ، لكنَّها ليست منسوخَةً؛ لأنَّ الأَمْرَ هنا بالإعراضِ عنهم، والإنتظارُ ليس معناه ألَّا نقومَ بما يَجِبُ.


الصفحة التالية
Icon