المقدمة
الحمد لله الذي جعل كتابه موعظةً وشفاء لما في الصدور، والصلاة والسلام على من نزل عليه الكتاب تبيانًا لكلِّ شيء، وهدًى ورحمة وبشرى للمسلمين، أما بعد:
فإن الله تعالى حَمِدَ نَفسَه على إنزال هذا القرآن العظيم فقال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (١) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا﴾ (الكهف: ١، ٢)، ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ (الفرقان: ١)، وجعله مُيَسَّرًا للأفهام: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ (القمر: ١٧)، ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ (الشعراء: ١٩٥)، وضَمَّنَه ألوان الهدايات: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ (الإسراء: ٩)، ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ (النحل: ٨٩)، وجعله في غاية التأثير: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ (الحشر: ٢١)، ﴿وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى﴾ (الرعد: ٣١)، ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ (الزمر: ٢٣)، ودعا عباده إلى تدبُّره: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾
(ص: ٢٩)، وأنكر على من لم يرفع بذلك رأسًا: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ (النساء: ٨٢، محمد: ٢٤)، ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ﴾ (المؤمنون: ٦٨)؛ في أربع آيات من القرآن الكريم؛ وذلك دليلٌ على عظيم