القول في سورة الفرقان
﴿تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ﴾ [الفرقان: ١] يحتج به على أنه منزل غير مخلوق كما سبق.
﴿لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً﴾ (١) [الفرقان: ١] / [١٤٧ أ/م] يحتج به على عموم الدعوة في العالمين، ثم تخص منه الملائكة والبهائم ونحوهم ممن خرج عن عمومها بدليله.
﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ﴾ [الفرقان: ٢] فيه نفي الولد والشريك، وقد سبق.
﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً﴾ (٢) [الفرقان: ٢] يحتج بعمومه على خلقه- عز وجل-لأفعال المخلوقين خيرا وشرا، والمعتزلة خصوصا عمومه بدليلهم العدلي، زعموا، وقد سبق القول فيه.
وخلق الشيء اختراعه وإبداعه وإخراجه من العدم إلى الوجود وتقديره: جعله على قدر الحاجة وفق الحكمة زمانا ومكانا وهيئة وشكلا ونحو ذلك.
﴿وَاِتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً﴾ (٣) [الفرقان: ٣] استدلال على نفي إلهيتهم بمخلوقيتهم وعدم خالقيتهم، وأنهم لا يملكون نفعا ولا ضرا، وقد سبق تقريره.
﴿وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلاّ إِفْكٌ اِفْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً﴾ (٤) [الفرقان: ٤] فيه اعتراف منهم بإعجاز القرآن؛ لأنهم يعترفون بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أفصحهم أو من أفصحهم، ثم مع ذلك اعتقدوا أنه لم يستقل بالقرآن حتى أعانه عليه قوم آخرون، فاقتضى أنهم كانوا يرونه معجزا للفصيح الواحد، فإذا ادعوا أنه استعان عليه بقوم آخرين؛ قيل لهم: فاستعينوا أنتم على معارضته بمثله بقوم آخرين، وقد أطلقتم في الجن والإنس/ [٣١١/ل] تستعينون بهم، فإذا عجزتم دل على أنه معجز على الإطلاق باعترافكم.


الصفحة التالية
Icon