القول في سورة الملائكة
﴿الْحَمْدُ لِلّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (١) [فاطر: ١] دليل على عصمتهم إذ لا يؤمن على الوحي يبلغه إلا معصوم.
﴿أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (١) [فاطر: ١] هذا خرق لعادة الناس، فبين أن ذلك زيادة في الخلق، وأنه إلى اختياره ومشيئته، فقال: ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (١) [فاطر: ١].
﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اُذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَأَنّى تُؤْفَكُونَ﴾ (٣) [فاطر: ٣] من أدلة التوحيد كما سبق.
﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ﴾ (٨) [فاطر: ٨] يحتج به الجمهور كما سبق ودل على أنه هو الذي يزين للمجرم سوء عمله، في قوله-عز وجل- ﴿أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ﴾ (٨) [فاطر: ٨] إلى ﴿وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ﴾ (٩) [فاطر: ٩] إثبات للبعث والمعاد بالقياس على إحياء الأرض بالمطر والنبات.
﴿مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾ (١٠) [فاطر: ١٠] يحتج به أصحاب الجهة؛ لأن حقيقة الصعود إلى فوق، وقد بينه النبي صلّى الله عليه وسلّم بقوله: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم الحديث، وينتظم الدليل هكذا الأعمال تصعد إلى [الله، والأعمال تصعد إلى] فوق، فالله في جهة فوق. وأجيب/ [٣٤٣ ل] عنه بما سبق من أن الصعود والفوقية معنويان لا حسيان، وإلا لزم التحيز والجسمية.


الصفحة التالية
Icon