القول في سورة الشورى
﴿تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (٥) [الشورى: ٥] أي:
لكثرة الملائكة، ما فيها موضع قدم إلا فيه ملك قائم، أو راكع، أو ساجد. «أطت السماء، وحق لها أن تئط» (١).
﴿وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النّارِ إِلاّ مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلاّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ماذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ وَما هِيَ إِلاّ ذِكْرى لِلْبَشَرِ﴾ (٣١) [المدثر: ٣١] وهذا يدل على جسمية الملائكة، وأن لهم ثقلا تئط منه السماء حتى تكاد تتفطر، وإذا جاز أن يكون في الملائكة ثقل، جاز أن يكون في السماء والأفلاك / [٣٧٢/ل]؛ لأن الجميع عالم سماوي.
وزعم الفلاسفة أن الفلك لا ثقيل ولا خفيف، لأنه غير متحرك عن الوسط كالنار.
ولا إلى الوسط كالأرض، وكل ما/ [١٧٩ ب/م] كان كذلك، فلا ثقل فيه، وإلا لتحرك إلى الوسط، ولا خفة وإلا لتحرك عن الوسط.
والجواب بمنع عموم الثانية، فإن قولهم: كل ما كان كذلك؛ إن أرادوا بطبعه فنعم، وإن أرادوا بتسخير القادر المختار فممنوع، لجواز أن يوجد جسم ثقيل أو خفيف، ثم يتحرك بإرادة القادر المختار حركة دورية كرية لا إلى الوسط، ولا عنه.
﴿تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (٥) [الشورى: ٥] سبق القول على نظيره في سورة غافر.
﴿وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظّالِمُونَ ما﴾


الصفحة التالية
Icon