القول في سورة الطلاق
﴿وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾ (٣) [الطلاق: ٣] مثل: ﴿وَقالَ الَّذِي اِشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (٢١) [يوسف: ٢١] أي: إذا أراد أمرا بلغه بقدرته ولطيف حكمته وتصرفه في القلوب وغيرها، وبالجملة بكمال قدرته على كل شيء.
ويحتج به الجمهور على أنه-عز وجل-إذا أراد شخصا للنار تصرف فيه بطريق الإجبار.
﴿وَاللاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ اِرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً﴾ (٤) [الطلاق: ٤] يحتج به على أن الأقراء الحيض، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد؛ لأنها مأمورة أن تعتد بثلاثة قروء، ثم جعلت الأشهر بدلا عن الحيض هاهنا، فدل على ما قلنا.
وينتظم القياس هكذا: الأشهر بدل عن الحيض بهذه الآية، والأشهر بدل عن الأقراء بالإجماع، فالحيض هي الأقراء/ [٢٠٥ أ/م]، فالأقراء هي الحيض.
واحتج الشافعي ومالك على أنها الأطهار بقوله-عز وجل-: ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاِتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً﴾ (١) [الطلاق: ١] مع [قول النبي] صلّى الله عليه وسلّم: «مره فليراجعها/ [٤٢٤/ب] ثم ليدعها حتى تطهر، ثم تحيض، [ثم تطهر]، ثم ليطلقها إن شاء، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء» (١)، وتلك إشارة إلى الطهر؛ لأنه الأقرب ذكرا، وليس بالقوي؛ لأن الإشارة إلى الحيضة المحتوشة بالطهر.