القول في سورة القدر
﴿إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ (١) [القدر: ١] يعني: القرآن نزل من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في ليلة القدر، وهى الليلة المباركة في سورة «الدخان».
﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ (٤) [القدر: ٤] هو الأمر أو صنف من الملائكة كما مر، وهذه السورة ثلاثون كلمة [سابعة العشرين منها هي في ﴿سَلامٌ] هِيَ حَتّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ (٥) [القدر: ٥] فقال ابن عباس-رضي الله تعالى عنه-:
«هي هي» أي هي سابعة العشرين من رمضان، وقال قوم: ليلة الجمعة التي بعد نصف رمضان وترا منه هي ليلة القدر دائما، وهو قول حسن، وفيها أقوال كثيرة.
...
القول في سورة البينة
﴿رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً﴾ (٢) [البينة: ٢] محمد، ﴿رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً﴾ (٢) [البينة: ٢] القرآن ﴿فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ (٣) [البينة: ٣] يقتضي أن القرآن تضمن معاني الكتب التي قبله أو بعضها، ولا أفهم لهذا الكلام معنى إلا هذا، ثم على هذا قوله-عز وجل- ﴿وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ (٥) [البينة: ٥] أي دين الكتب القيمة السابق ذكرها، وذلك إشارة إلى العبادة مخلصين حنفاء وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، فدل على أن الشرائع السابقة وردت بهذه الخصال جميعها، وهو موافق لقوله-عز وجل-: ﴿*شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾ (١٣) [الشورى: ١٣] اللهم إلا [أن يراد ﴿وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ (٥) [البينة: ٥] دين الملة القيمة وهى ملة الإسلام، فلا يجيء هذا الكلام/ [٢١٧ ب/م].


الصفحة التالية
Icon