القول في سورة الكوثر
وهو نهر في الجنة خص به النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو من أحكام الآخرة، واشتقاقه من الكثرة، لكثرة خيره.
﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَاِنْحَرْ (٢) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ (٣) [الكوثر: ٢، ٣] من هاهنا أخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم أن الأضحية لا تجزئ قبل الصلاة، لتقديمها في الذكر، وإن لم تكن الواو للترتيب/ [٤٥٠ ل]، وتضمن وعده-عليه الصلاة والسّلام-بأن شانئه هو الأبتر، إما من عقب أو ذكر حسن أو/ [٢١٨ ب/م] منهما.
...
القول في سورة الكافرين
التكرار فيها يحتمل أنه للتأكيد نحو: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾ (١٥) [١٥] في المرسلات، و ﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ﴾ (١٣) [١٣] في «الرحمن» و ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ (٦٨) [الشعراء: ٦٨] وكقوله: (والله لا آذن ثم لا آذن) ويحتمل أن يكون نفيا لموافقته إياهم وموافقتهم إياه في العبادة، باعتبار الحال والاستقبال، وذلك أربعة مضروب اثنين في اثنين كما تضمنته، وقد أخبرني الشيخ علي بن عمر بن حمزة الحراني الحجار قيم الحرم النبوي الشريف: أن بعض زنادقة الأطباء صنف تفسيرا بمبلغ علمه وسوء قصده، فلما انتهى إلى هذه السورة جعل يقول: (لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد) قال: هذه شبيهة بالمنشار، يعني أنها ذهاب ومجيء وصورته واحدة، وهذا منه استهزاء بالله-عز وجل-وآياته ورسوله وزندقة أظهرها، فعليه من الله ما يستحق.
فأما قوله-عز وجل-: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ (٦) [الكافرون: ٦] فهو إما خبر وعيدي محكم نحو: ﴿وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمّا تَعْمَلُونَ﴾ (٤١) [يونس: ٤١] أو أمر تكليفي نسخ بآية السيف ونحوها.
وقد سبق تقرير النسخ في موضعه.
...