الآية (٢١)
* * *
* قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾ [سبأ: ٢١].
* * *
قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لَهُ﴾ الضميرُ يَعود على إبليسَ، و ﴿عَلَيْهِمْ﴾ أي: على القومِ الذين أَغواهُم ﴿مِنْ سُلْطَانٍ﴾: ﴿مِنْ﴾ زائِدة لَفْظًا لا مَعنًى و ﴿سُلْطَانٍ﴾ اسمُ (كانَ) مُؤخِّر؛ أي: ما كان له سُلطانٌ عليهم، والمُراد بالسُّلْطان هنا التَّسلُّط أو التَّسليط؛ ولهذا قال: [تَسْلِيط] فهي إِذَنِ اسمُ مَصدَر، وليس المُرادُ بها السُّلْطانَ الذي هو المَعنى القريب، فالمَعنى: ما كان للشَّيْطان عليهم تَصديق ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ﴾.
وعلى تَقدير المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ- أن السُّلْطان بمعنى التَّصديق يَكون الاستثْناء مُتَّصلًا؛ أي: ما جعَلْنا للشيطان تَسليطًا عليهم إلَّا لنَعلَم، وإذا جعَلْنا السُّلْطَان بمَعنَى التَّسلُّطِ أو القُدْرة، فإنَّ الاستِثْناء يَكون مُنقَطِعًا؛ أي: ما كان له عليهم سُلْطة، لكن لنَعلَم مَن يَتَّبِعه إلى آخِره.
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا لِنَعْلَمَ﴾ اللَّامُ هنا للتَّعليل أو للعاقِبة؟
الجوابُ: يَحتَمل أن تَكون للتَّعليل أو للعاقِبة، وعلى كِلا التَّقديرَيْن فيها إشكالٌ، وهو أنَّ ظاهِرها تَجدُّد عِلْم الله تعالى، ومَعلومٌ أن عِلْم الله تعالى أَزَليٌّ أَبَدِيٌّ؛ أي: قديم مُستَمِرٌّ لا بُدَّ أن يَستَمِرَّ، فكيف صحَّ أن تَكون اللَّام هنا للتَّعليل أو للعاقِبة؟


الصفحة التالية
Icon