الآية (٢٣)
* * *
* قال الله - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ [سبأ: ٢٣].
* * *
وقول المُفَسِّر -رَحِمَهُ اللهُ-: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ﴾ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، رَدَّ لِقَوْلهِمْ: إِنَ آلهتهُمْ تَشْفَعُ عِنْدَهُ ﴿إِلَّا لِمَن أَذِنَ﴾ بِفَتْحِ الهَمْزَةِ وَضَمّهَا، ﴿ولَهُ﴾ فِيها]، إذا قالوا: نعَمْ؛ آلهتنا لا تمَلِك شيئًا في السَّمَوات ولا في الأرض، آلهتنا ليس لها مُشارَكة مع الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، آلهتنا لم تُعِنِ الله تعالى، لكنَّها تَشفَع، كما قالوا: ﴿هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨]، فقَطَع الله تعالى هذه الوَسيلةَ الأَخيرةَ ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ إِذَنْ هذه الآلهةُ ما تَستَطيعُ أن تَشفَع إلَّا بعد إِذْنِ الله تعالى.
وهل يُمكِن أن يَأذَن؟
الجوابُ: لا يُمكِن؛ لأنَّ الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يَقول: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾ [النجم: ٢٦]، وَيقول الله: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأنبياء: ٢٨]، ومعلوم أنَّه الله تعالى لا يَرضَى عن الكافِرين لا أن يَشفَعوا ولا أن يُشفَعَ فيهم، فتَبيَّن أنَّ جميع ما يَتعلق به المُشرِكون في شِرْكهم مع الله تعالى كلُّه باطِل، وكُلُّه مُمتَنِع، فإن الأسباب التي يُمكِن أن يَنتَفِعوا بها واحِد من أُمورِ أربعة: