الآية (٣١)
* * *
* قالَ الله -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (٣١)﴾ [سبأ: ٣١].
* * *
وقوله -رَحِمَهُ اللهُ-: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ] لا يَنبَغي أن نُخصِّص ما عمَّمه الله -عَزَّ وَجَلَّ-، فالصواب: وقال الذين كفَروا من أهل مكَّةَ وغيرهم، قالوا: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ - والعِياذُ بالله تعالى- أَتَوْا بـ (لَن) الدَّالَّة على تَأكيد النَّفيِ، ولم يَقولوا: لا نُؤمِن. بل قالوا: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ﴾ يُؤكِّدون انتِفاء إيمانهم بالقُرآن في المُستَقبَل.
وقوله تعالى: ﴿لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ﴾ هذه الإشارة للقَريب تَحقيرًا له، كما في قوله تعالى: ﴿أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ﴾ [الأنبياء: ٣٦]، ﴿أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾ [الفرقان: ٤١].
وقوله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿الْقُرْآنِ﴾ على وَزْن (فُعْلان) فهل هو بمَعنَى: المَقروء، أو بمَعنَى: القارِئ، أو هو مَصدَر بمَعنَى الجَمْع؟
الجوابُ: أن فيه خِلافًا عِند عُلَماء العَرَبيَّة -رَحِمَهُم اللهُ-، والصوابُ: أنَّه مُتضَمِّن للمَعاني كُلِّها فهو قارِئ؛ أي: جامِع؛ لأنَّه مُهَيْمِن على الكُتُب السابِقة وجميع ما فيها


الصفحة التالية
Icon