الآية (٣٤)
* * *
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [سبأ: ٣٤].
* * *
قال الله عَزَ وَجَلَّ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا﴾ قال رَحِمَهُ اللهُ: [رُؤَساؤُها المُنعَّمون] ﴿إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾.
قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ﴾ المُراد بالقرية البلَد سواءٌ كان كبيرًا أم صغيرًا؛ لأنه مَأخوذ من الجمْع، فالقَرْية سُمِّيَت بقَرْية؛ لأنها تَجمَع الناس، وإن كان العُرْف عندنا الآنَ أن القَرْية هي البلَدُ الصغير، لكن هذا عُرْف حادِث، والقَرْية في اللغة تَشمَل البلد الكبير أو الصغير؛ قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ﴾ [محمد: ١٣]، مع أن مكَّةَ أُمِّ القُرى، وسمَّاها الله تعالى قَرْية.
وقوله تعالى: ﴿مِنْ نَذِيرٍ﴾، المُراد بالنَّذير النبيُّ، ﴿نَذِيرٍ﴾ نَكِرة في سِياق النَّفيِ، وهذا من باب تَأكيد العُموم.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا﴾، وبيَّن المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ أن الاِتْراف بمَعنَى: التَّنعيم، يَعنِي: إلَّا مَن نُعِّموا في الدنيا كذا وكذا، والتَّرَف سبَب للتَّلَف، قال الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ﴾ [الواقعة: ٤١ - ٤٥].