الآية (٣٩)
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [سبأ: ٣٩].
﴿قُلْ﴾ الخِطاب للنبيِّ - ﷺ -، ويَجوز أن المُراد به كل مَن يَتَأتَّى به الخِطاب، مَن يَصِحُّ تَوْجيه الخِطاب إليه، يُخاطِب هؤلاء الذين يَسعَوْن في آيات الله تعالى مُعاجِزين، وَيطلُبون عَجْز الله تعالى في ما يَدَّعُون.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ﴾: يُوسِّعه من البَسْط، وهو التَّوْسِعة؛ ولهذا يُقال: بسَطَ الكَلام، واختَصَر الكلام، وبسَط بمَعنَى: وسَّعَه وطوَّله.
قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿الرِّزْقَ﴾ بمَعنَى العَطاء، ﴿لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ امتِحانًا، ﴿وَيَقْدِرُ﴾ يُضيِّقه له بعد البَسْط، أو لمنَ يَشاءُ ابتِلاءً.
وقوله تعالى: ﴿لِمَنْ يَشَاءُ﴾ سبَقَ لنا كثيرًا بأنَّ كل فِعْل علَّقه الله تعالى بالمَشيئة فهو مَقرون بالحِكْمة، مِثالُه قوُله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الإنسان: ٣٠]، بمَشيئته عَزَّ وَجَلَّ، فهي تابِعة لحِكْمته، فهو إذا اقتَضَتْ حِكْمته أن يُوسِّع الرِّزْق لأَحَدٍ وسَّعه، وإذا اقتَضَتْ حِكْمته أن يُضيِّقه ضَيَّقه.
وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿مِنْ عِبَادِهِ﴾ المُراد بالعِباد هنا العُبودية العامَّة؛ لأنَّ مَن يُشاهَد أن الكافِرين والمُؤمِنين على السَّواء، منهم مَن يَبسُط الله عَزَّ وَجَلَّ له الرِّزْق،


الصفحة التالية
Icon