الآية (٥٠)
* * *
* قالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ﴾ [سبأ: ٥٠].
* * *
قول المُفَسِّر رَحِمَهُ الله: [﴿قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ﴾ عَنِ الْحَقِّ ﴿فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي﴾ أَيْ: إِثْمُ ضَلَالِهِ عَلَيْهَا ﴿وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي﴾ مِنَ الْقُرْآنِ وَالحكْمَةِ ﴿إِنَّهُ سَمِيعٌ﴾ لِلدُّعَاءِ ﴿قَرِيبٌ﴾].
وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ﴾ هذا من باب التَّنزُّل مع الخَصْم، وإلَّا فمِن المعلوم أنَّ الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كان أَهدَى الناس.
وهذا كقول الرجُل المُؤمِن من آل فِرعونَ: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ [غافر: ٢٨] مع أن المُؤمِن هذا يُؤمِن بأنه صادِق، لكن هذا من باب التَّنزُّل مع الخَصْم؛ لإلزامه بقول الحَقِّ.
يَقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي﴾، ومَعلومٌ أن الإنسان لا يُريد أن يَتَمادَى في إضلال نَفْسه، ومِثلُ النبيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إذا ضَلَّ لا يَكون ضلالُه عليه وحدَهُ، بل عَليه وعلى مَنِ اتَّبَعه؛ ولهذا كان ضَلال العالِم أو زَلَّة العالِم من أَعظَم ما يُفسِد الناس، فزَلَّة العالِم ليسَتْ بهَيِّنةٍ؛ لأنه قُدوة وتَتْبَعه أُمَّة.