الآية (٤)
* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ [الشعراء: ٤].
* * *
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ﴾ بمَعْنى المضارعِ، أي: تَظَلّ، أي: تَدُوم ﴿أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ فيؤمنون].
قوله: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ﴾ جملة شَرطيَّة، فِعل الشَّرط: (نَشَأْ) وجَوابه: (نُنَزِّلْ)، وفي الإتيانِ بهذه الصيغةِ: ﴿نَشَأْ نُنَزِّلْ﴾ من تعظيمِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِنَفْسِهِ ما لا يَخْفَى؛ لِأَنَّهُ جعلَ الأمرَ هنا يَسيرًا عليه إذا شاءه، وأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بإرادته لم يفعلْ، ثم الإتيان بنونِ العظمةِ هُوَ تَعظيمٌ آخرُ أيضًا، فالله تعالى ما قَالَ: إذا شِئنا نَزَّلْنَا، قَالَ: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ﴾.
وقوله: ﴿مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ﴾ أي: عَلامَة، وهذه العَلامَة لا شكَّ أَنَّهُ لا يمكنُ لأحدٍ أنْ يأتيَ بمثلها - كما أشرنا إليه قريبًا - ثم إنها عَلامَة أيضًا ليستْ عَلَى قُدرة مَن هِيَ له، أو عَلَى انفرادِهِ بالخلقِ، ولكنها آيةٌ أيضًا عَلَى أَنَّهُم لم يُؤمِنوا، وعلى تهديدهم بالوعيدِ، ولهذا قَالَ: ﴿فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ فلا تستطيع أن تمثّل هَذِهِ الآية لِأَنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نكّرها، فهي آيةٌ ليستْ معلومةً لنا؛ لِأَنَّ الله لم يُنْزِلْها، لكنها آيةٌ تُخْضِعُهم، ولهذا قَالَ: ﴿فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾.


الصفحة التالية
Icon