الآية (٩)
* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ [الشعراء: ٩].
* * *
﴿وَإِنَّ رَبَّكَ﴾ الربوبيَّة هنا خاصَّة؛ لِأَنَّ الله تعالى ربُّ النبيِّ - ﷺ - وغيرِهِ، لكنَّه للعناية بِهِ - ﷺ - وبيان أَنَّهُ لن يَخْذُلَهُ معَ هَذَا التَّكَذيبِ، بل لا بدَّ أنْ يَتَوَلَّاه بربوبيَّتِه وعنايته الخاصَّة.
وقوله: ﴿لَهُوَ﴾ اللام للتَّوكيدِ، قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ [﴿الْعَزِيزُ﴾: ذو العِزَّةِ يَنْتَقِمُ مِنَ الكافرينَ، ﴿الرَّحِيمُ﴾ يَرْحَم المُؤمِنينَ]، والعِزَّة: بمَعْنى الغَلَبَةِ، ويُقال: عزّ بِمَعْنَى: غَلَبَ وقَهَرَ، وقد قالوا: إنَّ العِزَّةَ تَنْقَسِم إِلَى ثلاثةِ أقسامٍ: عِزة القَدْر، وعِزة القَهْر، وعِزَّة الإمتناعِ.
فمَعْنى عِزَّة القَدْر: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عزيزٌ لا يَبْلُغُ أحدٌ قَدْرَهُ.
وعزَّة القهر: عزيزٌ لا يُقهَر، بل هُوَ الغالبُ.
وعزَّة الإمتناع أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُمْتَنِعٌ عليه النقصُ فِي أيِّ وجهٍ مِنَ الوُجُوهِ، يعني: عبارة عن القوَّة، ومنه: الأرض العَزَاز، يعني الصُّلبة القويَّة.
على كلِّ حالٍ، العِزَّة بجميعِ أنواعها هَذِهِ الثلاثة كاملةٌ للهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، ومن عِزَّتِهِ أَخْذُ المكذبينَ، ولهذا قال المُفسِّر: [يَنتقم من الكافرينَ]، وهذا يعود - من الأنواع الثلاثة - إِلَى عِزَّة القَهر.


الصفحة التالية
Icon