الآيتان (٣٩، ٤٠)
* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (٣٩) لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ [الشعراء: ٣٩ - ٤٠].
* * *
القائل مُبهَم؛ لِأَنَّ القائلينَ كثيرون، يقولون: ﴿هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ﴾ والإسْتِفهام هنا للأمرِ، يعني: اجْتمِعوا، أو هُوَ للتشويقِ؛ كقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [الصف: ١٠]، لكن الأمر أوضح، يعني: أُمروا أنْ يَجتمِعوا ﴿وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (٣٩) لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾.
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [الإسْتِفهام للحَثّ عَلَى الإجتماعِ والترجِّي عَلَى تقديرِ غَلَبَتِهِم، لِيَسْتَمِرُّوا عَلَى دِينهم، فلا يَتَّبِعُوا مُوسَى]، وما ذكره المُفسِّرُ مُحْتَمَلٌ، وَهُوَ التشويقُ الَّذِي أشرنا إليه، ويَحتمل أَنَّهُ للأمرِ، يعني: يأمرون النَّاسَ أنْ يَجْتَمِعوا.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قولهم: ﴿إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ ألَا يُفهَم منه أَنَّهُم شاكُّون فِي انتصارِ السَّحَرَة عَلَى مُوسَى؟
فالجَواب: يمكن هَذَا أَنَّهُم شاكُّون، فهذا من بابِ التحرُّز، فما قالوا: لعلَّنا نَتَّبعُ الغالبَ، أو الحقَّ، ثم إنَّه يَحتمِل قولهم: ﴿إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ أن هَذَا من بابِ الشَّرطِ المبيّن الواقِع؛ لأنَّهم سيغلبون.