الآية (٥٢)
* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ﴾ [الشعراء: ٥٢].
* * *
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى﴾ بعدَ سِنينَ أقامها بينَهم يدعوهم بآياتِ اللهِ إِلَى الحقِّ، فلم يَزِيدُوا إلَّا عُتُوًّا].
قال تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي﴾ والوحيُ فِي اللُّغةِ: الإعلامُ بسرعةٍ وخَفاءٍ، وأمَّا فِي الشرعِ: فهو إعلامُ اللهِ تعالى بالشرعِ لأحدِ أنبيائِهِ، ثم إنَّ الوحيَ قد يكونُ بواسطةٍ، وقد يكون بغيرِ واسطةٍ، وقد قسمَ اللهُ ذلك بقوله: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ﴾ [الشورى: ٥١]، فقوله: ﴿إِلَّا وَحْيًا﴾ هَذَا الإلهامُ (الوحي الإلهامي)، ﴿مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾ مكالمة صريحة، لكن مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، والثالث: ﴿يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ﴾.
قال: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي﴾ (أَنْ) تفسيريةٌ؛ لأنَّهم يقولون: إذا سَبَقَها مَعْنى القولِ دونَ حُروفِهِ فهي تفسيريَّة، نحو قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾ [القَصَص: ٧]، وقوله: ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ﴾ [المؤمنون: ٢٧]، وهنا: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي﴾؛ لأنها تفسّر ما يوحَى به.
وقوله: ﴿بِعِبَادِي﴾ المُراد بهم بنو إِسْرَائِيلَ، وهي عبوديَّة شرعيَّة.


الصفحة التالية
Icon