الآية (١٠٠)
* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ﴾ [الشعراء: ١٠٠].
* * *
قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ﴾ كما للمُؤمِنينَ منَ الملائكة والنبيِّين والمُؤمِنينَ].
كلمة (ما) نافية وليستِ استفهاميَّة، والدَّليلُ إتيانُ (مِن) المؤكِّدة: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ﴾، وأصلها: فما لنا شافعونَ، ولكن أُتِي بـ (مِنْ) للتَّوكيدِ.
والشَّافع: هُوَ المتوسِّطُ للغَيْر بِجَلْبِ مَنْفَعَةٍ أو دَفْعِ مَضَرَّةٍ، فشفاعةُ النبيِّ - ﷺ - لأهلِ المَوْقِفِ أنْ يُقضَى بينهم من بابِ الشَّفاعةِ؛ لدفعِ المضرَّةِ والمشقَّة، وشفاعته لأهلِ الجنَّة أن يَدْخُلوا الجنَّة من باب جَلْبِ المنافِعِ، فالشَّفاعةُ هِيَ التوسُّطُ للغَيْرِ بِجَلْبِ مَنْفَعَةٍ أو دَفع مَضَرَّة، وإنْ شئتَ فَقُلْ: لِدَفْعِ الضَّيْر أو جَلْب الخَير، فهذه هِيَ الشَّفاعةُ.
فهم لَيْسَ لهم شافعونَ؛ لِأَنَّ من شَرط الشَّفاعةِ أنْ يكونَ المشفوعُ له مؤمنًا، والدَّليلُ ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [الأَنْبياء: ٢٨]. وهَؤُلَاءِ لا يَرْتَضِيهِمُ اللهُ، فهم يقولونَ: ﴿فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ﴾ يعني: ما لنا أحدٌ يَشْفَعُ إطلاقًا لا منَ الأَنْبياءِ ولا من غيرهم؛ لِأَنَّ من شرطِ الشَّفاعةِ أنْ يرضى اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عنِ المشفوعِ له، وعنِ الشافِعِ من باب أَولى، فإذا كَانَ لا بدَّ مِن رِضَا الله عن المشفوعِ له، فعن الشافِعِ من باب أَولى.