الآيتان (١٦٥، ١٦٦)
* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾ [الشعراء: ١٦٥ - ١٦٦].
* * *
قالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ النَّاسِ، ﴿وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾ أَقْبَالَهُنَّ، ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾ مُتَجَاوِزُونَ الحَلَالَ إِلَى الحَرَامِ].
كلُّ الرُّسُلِ يُرْسَلون أوَّلًا بتحقيقِ التوحيدِ: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ﴾ [النحل: ٣٦]، لكن هناك أنواع مُعَيَّنة منَ المعاصي يَرْتَكِبُها بعضُ الأممِ ويركز عليها الرُّسُل عليهم الصَّلاة والسلامُ، ففيما ذكر في قومِ لوطٍ كَان جُرمهم هذه الفاحشة، ولهذا قال: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾ وهذا الإسْتِفهامُ للتوبيخِ والإنكارِ.
قَوْلهُ: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ﴾ أي: الذُّكور، جَمْع ذَكَر، ﴿مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ بيان للذُّكران، أي: منَ النَّاسِ، سواء كَانوا من قَبيلتكم أو من غيرِ قَبيلتكم، ولهذا لم يقلْ: "أتأتونَ الذُّكران مِنكم"، بل قال: ﴿مِنَ الْعَالَمِينَ﴾؛ إشارةً إلى أنَّهم - والعياذُ بالله - لا يَتَحَاشَوْنَ من أحدٍ، فهم مثل الكِلابِ.