بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة آل عمرانوهي مدنية: مائتا آية، أو إلا آية، ولهذه السورة عدة تسميات (١):
أحداها: آل عمران، سميت بذلك لأن اصطفاء آل عمران، وهم عيسى ويحيى ومريم وأمها، نزل فيه منها ما لم ينزل في غيره. إذ هو بضع وثمانون آية، وقد جعل هذا الاصطفاء دليلا على اصطفاء نبينا محمد صلّى الله عليه وسلم وجعله متبوعا لكل محب لله ومحبوب له.
والثاني: الزهراء: وتسمى بذلك، لأنها كشفت عما التبس على أهل الكتابين من شأن عيسى عليه السلام.
والثالث: الأمان، لأن من تمسك بما فيها أمن من الغلط في شأنه.
الرابع: الكنز، لتضمنها الأسرار العيسوية.
الخامس: المجادلة، لنزول نيّف وثمانين آية منها في مجادلة رسول الله صلّى الله عليه وسلم نصارى نجران.
السادس: سورة الاستغفار، لما فيها من قوله: وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ [آل عمران: ١٧].
السابع: طيبة، لجمعها من أصناف الطيبين في قوله: ﴿الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ... [آل عمران: ١٧]. إلى آخره، والمراد بعمران هو والد مريم، أم عيسى عليهما السلام، كما يأتي التنويه به في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ [آل عمران: ٣٣] (٢).
سبب النزول:
أخرج الطبري وابن أبي حاتم (٣) عن الربيع: أن "النصارى أتو النبي صلى الله عليه وسلم، فخاصموه في عيسى ابن مريم، وقالوا: من أبوه؟ فقالوا على الله الكذب والبهتان، لا إله إلا الله لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت، وأن عيسى يأتي عليه الفناء؟ قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شيء يكلأه ويحفظه ويرزقه؟ قالوا: بلى. قال: فهل يملك عيسى من ذلك شيء؟ قالوا: لا، قال: أفلستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء؟ قالوا بلى: قال: فهل يعلم عيسى من ذلك شيء إلا ما علم؟ قالوا لا: قال: فإن ربنا صور عيسى في الرحم كيف يشاء، ألستم تعلمون أن ربنا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ولا يحدث الحدث؟ قالوا: بلى، قال: ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها، ثم غذي كما يغذى الصبي، ثم كان يطعم الطعام، ويشرب الشراب ويحدث الحدث؟ قالوا: بلى، قال: فكيف يكون هذا كما زعمتم؟ فعرفوا ثم أبوا إلا جحودا، فأنزل الله: {الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم﴾ " (٤).
القرآن
﴿الم (١)﴾ [آل عمران: ١]
التفسير:
الله أعلم بمراده، والأسلم فيها السكوت عن التعرض لمعناها دون سند شرعي، واليقين بأن الله أنزلها لحكمة قد لا نعلمها.
القرآن
(١) انظر: تفسير المهايمي، طبعة بولاق، مصر: ١٠١.
(٢) انظر: محاسن التأويل: ٢/ ٢٥٣.
(٣) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣١٢٤): ص ٢/ ٥٨٥.
(٤) انظر: تفسير الطبري (٦٥٤٤): ص ٦/ ١٥٤، واخرجه الطبري بنحوه عن جعفر بن الزبير، وفيه تسمية رؤساء وفد نجران، انظر: تفسير الطبري (٦٥٤٣): ص ٦/ ١٥١ - ١٥٤، وانظر: النكت والعيون: ١/ ٣٦٧، وأسباب النزول، الواحدي: ٩٧ - ٩٨، والعجاب في بيان الاسباب: ٢/ ٦٥٧ - ٦٥٨.
(٢) انظر: محاسن التأويل: ٢/ ٢٥٣.
(٣) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣١٢٤): ص ٢/ ٥٨٥.
(٤) انظر: تفسير الطبري (٦٥٤٤): ص ٦/ ١٥٤، واخرجه الطبري بنحوه عن جعفر بن الزبير، وفيه تسمية رؤساء وفد نجران، انظر: تفسير الطبري (٦٥٤٣): ص ٦/ ١٥١ - ١٥٤، وانظر: النكت والعيون: ١/ ٣٦٧، وأسباب النزول، الواحدي: ٩٧ - ٩٨، والعجاب في بيان الاسباب: ٢/ ٦٥٧ - ٦٥٨.