﴿فَمِنَ النَّاسِ﴾ تفصيل للذاكرين
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[وقد ساغ لنا (١) ونقل ما سبق في السيوطي (٢)، ثم قال: (ع)] (٣) " وفيه أن الظاهر على هذا الوجه أن يقال: ﴿أَوْ أَشَدَّ﴾ بدون ﴿ذِكْرًا﴾، بأن يكون معطوفا على ﴿كَذِكْرِكُمْ﴾ صفة للذكر المقدر، وأن الظاهر الذكر الموصوف بالأشدية لا طلبه حال الأشدية." (٤)
(تفصيل للذاكرين) " إلى مقل لا يطلب بذكر الله إلا الدنيا، ومكثر يَطْلُب به خير الدارين.
أريد به الحث على الإكثار والإرشاد إليه." (٥) (ق)
وكذا (ك) قال: " ﴿فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ﴾ معناه أكثروا ذكر الله ودعاءه، [فإن] (٦) الناس مِن بَين مُقل لا يطلب بذكر الله إلا أغراض الدنيا، ومكثر يَطْلُب خير الدارين، فكونوا من المكثرين." (٧) أهـ
_________
(١) أي الإمام عبد الحكيم.
(٢) كلام الإمام السيوطي السابق صـ (١١٣ - ١٢١) من هذا التحقيق.
(٣) العبارة التي بين المعقوفين من كلام الشيخ السقا.
(٤) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٤ / أ).
ونذكر تعقيب الإمام الطاهر بن عاشور في " التحرير والتنوير " (٢/ ٢٤٦ - ٢٤٧) على هذه المسألة بعدما ذكر الأقوال فيها حيث قال: " وَلِصَاحِبِ «الْكَشَّافِ» تَخْرِيجَانِ آخَرَانِ لِإِعْرَابِ: ﴿أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾، فِيهِمَا تَعَسُّفٌ دَعَاهُ إِلَيْهِمَا الْفِرَارُ مِنْ تَرَادُفِ التَّمْيِيزِ وَالْمُمَيَّزِ، وَلِابْنِ جِنِّي تَبَعًا لِشَيْخِهِ أَبِي عَلِيٍّ تَخْرِيجٌ آخَرُ، دَعَاهُ إِلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي دَعَا الزَّمَخْشَرِيُّ، وَكَانَ تَخْرِيجُهُ أَشَدَّ تَعَسُّفًا ذَكَرَهُ عَنْهُ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي «الِانْتِصَافِ» [(١/ ٢٤٧) [المسمى: الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال: لابن المنير السكندري ت: ٥٣٨ هـ، بهامش تفسير الكشاف ط: دار الكتاب العربي - بيروت، ط: الثالثة - ١٤٠٧ هـ.]]، وَسَلَكَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ آيَةِ سُورَةِ النِّسَاءِ [ينظر: تفسير الكشاف (١/ ٥٣٦)].
وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنْ غَرَائِبِ الِاسْتِعْمَالِ الْعَرَبِيِّ، وَنَظِيرَتُهَا آيَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ." أهـ
وقَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي «تَفْسِيرِهِ» (٢/ ٥٨٦): «وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ طَوِيلَةٌ عَوِيصَةٌ مَا رَأَيْتُ مَنْ يَفْهَمُهَا مِنَ الشُّيُوخِ إِلَّا ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنَ الْحُبَابِ وَمَا قَصَّرَ الطَّيْبِيُّ فِيهَا، وَهُوَ الَّذِي كَشَفَ الْقِنَاعَ عَنْهَا هُنَا وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي [النساء: ٧٧]: ﴿يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً﴾، وَكَلَامُهُ فِي تِلْكَ الْآيَةِ هُوَ الَّذِي حَمَلَ التُّونِسِيِّينَ عَلَى نَسْخِهِ؛ لِأَنِّي كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَمَّا قَدِمَ الْوَاصِلُ بِكِتَابِ الطَّيْبِيِّ، فَقُلْتُ لَهُ: نَنْظُرُ مَا قَالَ فِي: ﴿أَشَدَّ خَشْيَةً﴾، فَنَظَّرْنَاهُ فَوَجَدْنَا فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مَا قَالَ النَّاسُ فَحَضَّ الشَّيْخُ إِذْ ذَاكَ على نسخهَا. أهـ»." [لابن عرفة الورغمي التونسي، ت: ٨٠٣ هـ، تحقيق: د. حسن المناعي، الناشر: مركز البحوث بالكلية الزيتونية - تونس، ط: الأولى، ١٩٨٦ م].
(٥) تفسير البيضاوي (١/ ١٣٢).
(٦) في ب: فمن. والمثبت أعلى هو الصحيح.
(٧) تفسير الكشاف (١/ ٢٤٨).
وينظر: نظم الدرر (٣/ ١٥٧).