﴿هَلْ يَنظُرُونَ﴾ استفهامٌ إنكاري في معنى النفي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(في معنى النفي): " ولذا وقع بعده الاستثناء المفرَّغ (١)." (٢) (ش)
وفي (ع):
" (استفهام في معنى النفي (٣)):
والضمير راجع إلى ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ إن أريد به المنافقون أو أهل الكتاب، أو إلى ﴿مَن يُعْجِبُكَ﴾ إن أريد به مؤمنو أهل الكتاب أو المسلمون (٤).
ومعنى كونهم ناظرين لحلول البأس: اتصافهم بما يوجب حلوله عليهم، فكأنهم منتظرون له." (٥) أهـ
_________
(١) الاستثناء المفرَّغ: هو الذي لم يذكر فيه المستثنى منه، فلا عمل لـ "إلا"، بل يكون الحكم عند وجودها مثله عند فقدها. وشرطه: كون الكلام غير إيجاب، وهو: النفي نحو: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ﴾ [آل عمران: ١٤٤]، والنهي نحو: ﴿وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ﴾ [النساء: ١٧١]، والاستفهام الإنكاري نحو: ﴿فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [الأحقاف: ٣٥]، ولا يقع ذلك في إيجاب؛ فلا يجوز: قام إلا زيد. ينظر: اللمحة في شرح الملحة (١/ ٤٦٧)، أوضح المسالك (٢/ ٢٢٢)، شرح الأشموني (١/ ٥٠٩).
(٢) حاشية الشهاب على البيضاوي (٢/ ٢٩٥).
(٣) ينظر: التبيان في إعراب القرآن (١/ ١٦٩)، تفسير القرطبي (٣/ ٢٥)، البحر المحيط (٢/ ٣٤٢)، الدر المصون (٢/ ٣٦٢)، التحرير والتنوير (٢/ ٢٨٣)، إعراب القرآن وبيانه (١/ ٣٠٨).
ويقول الإمام السيوطي في " الإتقان في علوم القرآن " (٣/ ٢٦٧) ما ملخصه: "وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ صِيغَةُ الِاسْتِفْهَامِ فِي غَيْرِهِ مَجَازًا، وَأَلَّفَ فِي ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ شمس الدين بن الصَّائِغِ كِتَابًا سَمَّاهُ "رَوْضُ الْأَفْهَامِ فِي أَقْسَامِ الِاسْتِفْهَامِ"، قَالَ فِيهِ: قَدْ تَوَسَّعَتِ الْعَرَبُ فَأَخْرَجَتِ الِاسْتِفْهَامَ عَنْ حَقِيقَتِهِ لمَعَانٍ أَوْ أَشْرَبَتْهُ تِلْكَ الْمَعَانِي. الْأَوَّلُ: الْإِنْكَارُ، وَالْمَعْنَى فِيهِ عَلَى النَّفْيِ وَمَا بَعْدَهُ مَنْفِيٌّ؛ وَلِذَلِكَ تَصْحَبُهُ "إِلَّا" كَقَوْلِهِ: ﴿فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [الأحقاف: ٣٥]، ﴿وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ﴾ [سبأ: ١٧]." وينظر: البرهان في علوم القرآن (٢/ ٣٢٨).
(٤) ينظر: روح المعاني (١/ ٤٩٣).
ولقد تعددت أقوال المفسرين فيما يرجع إليه الضمير في قوله تعالى: ﴿يَنظُرُونَ﴾:
فمنهم من يرى أنه يرجع إلى: التَّارِكِينَ الدُّخُولَ فِي السِّلْمِ.... ينظر: معالم التنزيل (١/ ٢٦٩)، تفسير القرطبي (٣/ ٢٥)، فتح القدير (١/ ٢٤٢).
ومنهم من يرى أنه يرجع إلى: الْيَهُودِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ دِينَكَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَعَ مُوسَى مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالُوا: ﴿لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [البقرة: ٥٥]. ينظر: مفاتيح الغيب (٥/ ٣٦٠).
ومنهم من يرى أنه عائدٌ على المخاطبين بقولِه: ﴿زَلَلْتُم﴾. ينظر: البحر المحيط (٢/ ٣٤٣)، الدر المصون (٢/ ٣٦٣).
وللإمام الطاهر بن عاشور في هذا الموضع تفصيل حسن. ينظر: التحرير والتنوير (٢/ ٢٨١).
(٥) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (٣٣٩ / ب).


الصفحة التالية
Icon